الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه النصوص التي وعد فيها من بكى من خشية الله بعدم دخول النار هي كغيرها من نصوص الوعد التي وردت في حق من فعل بعض الطاعات، والجمع بينها وبين نصوص الوعيد المقتضية لدخول بعض عصاة الموحدين النار قد تكلمنا عنه في فتاوى كثيرة، انظر منها الفتوى رقم: 117821، وحمل بعض العلماء حديث: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله ونحوه على أنه في حق من كمل علمه ومعرفته بالله تعالى بحيث انتهى عن الزواجر وفعل الأوامر، قال ابن علان: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله) من فيه تعليلية: أي لخشية الله الداعية إلى امتثال الأوامر واجتناب النواهي، ومن كان كذلك لا يلجها بالوعد الكريم إلا تحلة القسم... والموصوف بما ذكرته القائم به من أهل الجنة ابتداء بالوعد الكريم، وظاهر الخبر إن لم يُحْمَل على ذلك مُعَارِضٌ لما جاء في الأخبار من دخول قوم من عصاة المؤمنين النار. انتهى، والحاصل أنه لا تعارض بحمد الله بين هذه النصوص وبين نصوص الوعيد، فإما أن تحمل على ما ذكره ابن علان من كون هذا الباكي من خشية الله قد حصل له تمام العلم بالله والمعرفة به بحيث انزجر عما حرمه سبحانه أو يقال بأنه لا يدخل النار التي أعدت للكافرين أو لا يدخلها دخول خلود أو غير ذلك من وجوه التأويل التي يحصل بها الجمع بين النصوص.
والله أعلم.