الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر من إخوة يوسف تجاهه كان في زمن الصغر, أما بعد مجيئهم ليوسف, وتعرفهم عليه، فليس هناك دليل على وجود حقد أو كراهية من هؤلاء الإخوة تجاه يوسف عليه الصلاة والسلام, بل الظاهر هو صلاح حالهم، جاء في تفسير الخازن تعليقا على قوله تعالى: قال هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ { سورة يوسف: 89}.
إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ـ هذا يجري مجرى العذر لهم، يعني أنكم أقدمتم على هذا الفعل القبيح المنكر حال كونكم جاهلين، وهو وقت الصبا وحالة الجهل، وقيل جاهلون بما يؤول إليه أمر يوسف. انتهى.
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور: ولذلك جعل ذلك الزمن زمن جهالتهم بقوله: إذ أنتم جاهلون ـ وفيه تعريض بأنهم قد صلح حالهم من بعد، وذلك إما بوحي من الله إن كان صار نبيئا أو بالفراسة، لأنه لما رآهم حريصين على رغبات أبيهم في طلب فداء بنيامين حين أخذ في حكم تهمة السرقة. انتهى.
وفي تفسير الشوكاني: إذ أنتم جاهلون ـ نفى عنهم العلم وأثبت لهم صفة الجهل، لأنهم لم يعملوا بما يقتضيه العلم، وقيل: إنه أثبت لهم صفة الجهل لقصد الاعتذار عنهم وتخفيف الأمر عليهم، فكأنه قال: إنما أقدمتم على ذلك الفعل القبيح المنكر وقت عدم علمكم بما فيه من الإثم وقصور معارفكم عن عاقبته، وما يترتب عليه، أو أراد أنهم عند ذلك في أوان الصبا وزمان الصغر، اعتذارا لهم ودفعا لما يدهمهم من الخجل والحيرة مع علمه وعلمهم بأنهم كانوا في ذلك الوقت كبارا. انتهى.
والله أعلم.