الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت حين امتنعت عن التواصل مع هذه المرأة رغم حبك لها، فاثبت على ذلك، إذ يحرم على الرجل أن يكون على علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عنه، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 30003، وراجع أيضا الفتوى رقم: 4220.
والزواج من أفضل ما يرشد إليه المتحابان؛ للحديث الذي رواه ابن ماجة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
والولي شرط لصحة الزواج في قول جمهور الفقهاء، وهو الراجح عندنا؛ لكونه تؤيده الأدلة، وغيره مرجوح، كما بينا في الفتوى رقم:5855، فلا يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة من نفسها.
وإذا منعها أهلها من الزواج من الكفء، فلها الحق في أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليزوجها إن ثبت عنده العضل، فالسلطان ولي من لا ولي له، كما ثبت في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 52874.
وفي نهاية المطاف، إن تيسر لك الزواج منها من طريق صحيح، فذاك، وإلا فاصرف عنها النظر وابحث عن غيرها، عسى الله أن يرزقك من هي خير منها. والشرع قد حث على الزواج من الأبكار، ففي سنن ابن ماجة -وحسنه الألباني- أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"عليكم بالأبكار . فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما، وأرضى باليسير. وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال ... قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بعرس. قال: أتزوجت؟ قلت: نعم. قال: أبكرا أم ثيبا؟ قال: قلت: بل ثيبا، قال: فهلا بكرا تلاعبها، وتلاعبك.
وننبه في الختام إلى أمور:
الأول: يجوز للرجل أن يخطب المرأة الرشيدة إلى نفسها، وإن كان الأولى أن يخطبها من وليها، وراجع الفتوى رقم: 197053.
الثاني: بخصوص تعاهدك معها أمام الله على الزواج منها، راجع في حكمه الفتوى رقم: 57942.
الثالث: أن الحنفية لا يفرقون بين البكر والثيب في جواز تزويجها نفسها، فكل بالغة عاقلة لها ذلك عندهم.
ففي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: [ قوله ( نفذ نكاح حرة، مكلفة بلا ولي) لأنها تصرفت في خالص حقها، وهي من أهله لكونها عاقلة، بالغة؛ ولهذا كان لها التصرف في المال، ولها اختيار الأزواج.... ومن السنة حديث مسلم:" الأيم أحق بنفسها من وليها" وهي من لا زوج لها بكرا كانت، أو ثيبا... اهـ.
والراجح مذهب الجمهور كما تقدم.
والله أعلم.