الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المصروفات غير المباشرة، إما أن تكون متعلقة بالمشروع أو لا، فإن كانت متعلقة بالمشروع، فإن شأنها شأن المصروفات المباشرة، ولا يجوز اشتراط تحميلها على المؤسسة، وإنما يتحملها الجميع على حسب نسب رؤوس أموالهم، وانظر الفتوى رقم: 270352.
ومن ثم، فلا يلزم المؤسسة الوفاء بذلك الشرط، لحديث: المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما. أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
أما إن كانت غير متعلقة بالمشروع: فلا يجوز تحميلها على المشروع أصلا، ولو رضي الشركاء بذلك، لأنه بمنزلة اشتراط فضل دراهم للمؤسسة، وهذا يبطل الشراكة بينها وبين سائر الشركاء، وقد جاء في المغني لابن قدامة: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك، والأوزاعي والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. اهـ.
وعلى هذا التقدير الأخير، فيلزمك ترك العمل المذكور، لما فيه من إعانة على معاملة محرمة، فضلا عن الغش وأكل أموال الشركاء بالباطل، وهذه كلها ألوان من الإعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وقول المدير بأنه متحمل لأي حرمة لا يغني عنك شيئا، فكلاكما شريكان في الإثم، فهو آثم بأمره لك، وأنت آثم بطاعتك له، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعلى هذا، فلا يجوز لك البقاء في ذلك العمل، اللهم إلا لضرورة ملجئة، فحينئذ يجوز لك الاستمرار فيه بقدر الضرورة، مع وجوب البحث الجاد عن عمل آخر مباح، وانظر الفتويين رقم: 121861، ورقم: 101803.
والله أعلم.