الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسكن ضرورة للإنسان كالطعام والشراب، ولكن كون السكن ملكًا للشخص فهذا يعتبر حاجة وليس بضرورة؛ فلا يباح لأجله الاقتراض بالربا، ما دام الاستغناء بالاستئجار ممكنًا، على ما فيه من مشقة. والربا من أعظم المحرمات وأشدها إثمًا، فإن كنت تستطيع الاستئجار، ويبقى لديك من راتبك أو دخلك ما تسد به نفقتك ونفقة من تعول دون أن تلحقك بذلك مشقة يعسر تحملها، فليس لك الاقتراض بالربا لامتلاك المسكن، فإن اضطررت إليه حقًّا فلا حرج عليك حينئذ؛ قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وقال: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة:173}. وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة -في حال ثبوتها- تقدر بقدرها.
والله أعلم.