الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت أمك إذ عزمت على قطع الهجر، ومجرد ما يرد على القلب من كره من ظلم، أو أساء مما لا إرادة له فيه، فلا يؤاخذ به الإنسان، كما تقدم البيان بالفتوى رقم: 23716.
قال القاري في المرقاة: (ولا تباغضوا) ...وقال بعض المحققين: أي لا تشتغلوا بأسباب العداوة؛ إذ العداوة، والمحبة مما لا اختيار فيه، فإن البغض من نفار النفس عما ما يرغب عنه. انتهى.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح: والمتشاحنان أن يكون كل منهما ذا شحناء، فلا يتناول هذا النطق أن يكون رجل يخاف شر رجل، ولا يأمن السوء من جهته، وذلك الآخر غير خائف منه، كما يخاف الآخر؛ فإن ذلك الخائف لا يزول استيحاشه مما يخافه، إلا بوجود أمنة منه؛ فلا يكون الخائف أحد المتشاحنين. ...
وليس من التشاحن الرجلان يكون بينهما الحكومة، أو العرض، أو المعاملة فيبغي أحدهما على الآخر، كما قال سبحانه: {وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض}. إلا أن هذا في الخلطاء من المؤمنين، لا ينبغي أن يبلغ بهم إلى التقاطع والتهاجر؛ بل أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه، وأيسرهما لأخيه، وأصبرهما على رفيقه لقوله: (يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام). انتهى.
وينبغي على والدتك أن تجتهد في إذهاب البغض من قلبها تجاه أختها؛ إلا إن كان البغض في الله؛ لأجل معصية ونحوها، وانظر الفتوى رقم: 277996، وفيها الكلام على ما تنقطع به الهجرة المحرمة.
ولا إثم عليها تجاه ما تجده في نفسها تجاه أختها؛ كما بينا بالفتوى رقم: 260128، وتوابعها.
والله أعلم.