الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يفوت أوان التوبة إلا ببلوغ الروح الحلقوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي، ومن ثم فلا تكون توبتك إذا تبت بعد فوات الأوان، بل هي في أوانها ووقتها الذي تقبل فيه ما دامت قبل الغرغرة كما قال تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ {النساء:18}، وأما تأخير التوبة فإنه ذنب آخر يحتاج إلى توبة، ويغني عن تعيين هذا الذنب توبة عامة تأتي على جميع الذنوب، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: إن الْمُبَادَرَةَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، فَمَتَى أَخَّرَهَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ، فَإِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَقِيَ عَلَيْهِ تَوْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تَوْبَتُهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَقَلَّ أَنْ تَخْطُرَ هَذِهِ بِبَالِ التَّائِبِ، بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَلَا يُنْجِي مِنْ هَذَا إِلَّا تَوْبَةٌ عَامَّةٌ، مِمَّا يَعْلَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَعْلَمُهُ. انتهى.
ثم على العبد أن يصدق في توبته، ويخلصها لله تعالى، فتكون توبته ابتغاء وجه الله لا لشيء آخر، فإذا اجتهد في هذا وأبعد عن نفسه حظوظ الدنيا والرغبة في العاجلة، فليبشر بتوبة الله عليه، وليحسن بعد هذا ظنه بربه تعالى، ثم إن التوبة إن كانت خوفا من العقوبة فهي توبة صحيحة مقبولة إن شاء الله ولا تتنافى مع الإخلاص، وانظري الفتوى رقم: 186721.
وأما بخصوص سؤالك ، كيف أعرف التوبة مستجابة أم لا؟ فاعلمي أن من صحت توبته واستوفت شروطها وأركانها فهي توبة مقبولة ومستجابة قطعا، وانظر الفتوى رقم: 189117، وعلى العبد أن يسدد ويقارب فيفعل ما أمره به ربه تعالى ويحسن ظنه بربه، ويخاف نفسه الأمارة بالسوء أن يؤتى من قبلها، ويكثر الدعاء والابتهال إلى الله تعالى أن يقبله في التائبين، وفق الله الجميع لما فيه رضاه، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 121330.
والله أعلم.