الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صحة تزوج بنت المزني بها ممن زنى بأمها، فذهب الحنفية والحنابلة إلى المنع، وذهب المالكية والشافعية إلى الجواز، قال ابن قدامة رحمه الله: فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها، كما لو وطئها بشبهة، أو حلالا، ولو وطئ أم امرأته أو بنتها حرمت عليه امرأته، نص أحمد على هذا، في رواية جماعة وروي نحو ذلك عن عمران بن حصين، وبه قال الحسن وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والشعبي والنخعي، والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، وروى ابن عباس أن الوطء الحرام لا يحرم، وبه قال سعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وعروة، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور وابن المنذر.
كما اختلفوا في حكم زواج الزاني من زنا بها، والمفتى به عندنا في الموقع عدم جواز النكاح إلا بعد التوبة والاستبراء وراجع الفتويين رقم: 1677، ورقم: 11295.
وننبه إلى أنّ الاتهام بالفاحشة من غير بينة ظاهرة لا يجوز، فقد شدّد الشرع في أمر الأعراض ونهى عن الخوض فيها بغير حقّ, قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}.
ولم يتضح لنا المقصود بقولك: ماذا لو منعته بالقوة ـ وعلى العموم، فإذا أراد الزاني أن يتزوج بمن زنا بها أو ببنتها فلولي المرأة ألا يقبل تزويجها منه، أما المنع بالقوة: فمنوط أصلا بالحاكم.
والله أعلم.