الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عقد الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين: باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم، وأورد تحته بعض الآيات وبعض الأحاديث، من هذه الآيات قول الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف:28].
ومن الأحاديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها، قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
قال النووي في شرحه على مسلم: وفيه فضيلة زيارة الصالحين والأصحاب. انتهى.
لكن ينبغي التفريق بين هذه الزيارة التي هي لله وفي الله وبين ما يسميه كثير من عوام المسلمين زيارة للصالحين، وهي في الحقيقة ليست كذلك لما يصاحبها من اعتقاد فاسد في هذا المزور، فتصرف إليه من العبادات ما لا يصرف إلا إلى الله سبحانه وتعالى، بل قد يكون هذا المزور ميتاً مقبوراً، في حاجة إلى الدعاء له والترحم عليه، فيدعى هو وتطلب منه الرحمات وتلتمس من ترابه البركات، فيترتب على ذلك انتشار البدع والخرافات، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب فهم نصوص الشرع ومدلولاته وفق ما كان عليه سلف هذه الأمة الصالح، فكل خير في اتباعهم، وكل شر في مخالفة سبيلهم: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115].
ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى: 4973.
والله أعلم.