الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمدار في جواز العمل بالشهادة، وحلية الراتب المتحصل عليه جراء العمل بها، هو كون الشخص يحسن العمل الذي يتقاضى بموجبه الراتب، فإن كان كذلك، فلا حرج عليه في العمل بشهادته ولو شابتها شائبة غش، أو تزوير، أو ما إلى ذلك ..
وكون الأب أنفق على دراسة الابن مالا حراما -على افتراض صحته- لا يحرم عليه العمل بالشهادة التي حصل عليها. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 210718، 279226، 186535.
وعليه؛ فإنك غير محتاج لكفارة معينة ترفع عنك الإثم الذي تزعمه، فالعبرة بأن تؤدي عملك على الوجه المطلوب، وأن يكون مجاله مباحا.
هذا وقد لمسنا لدى السائل نوعا من الوسوسة في هذا الجانب، فننصحه بالإعراض عن الوساوس عموما، وتجاهلها.
ونقول: إن الأحاديث التي أشار إليها، وخاصة حديث: استفت قلبك. ليست على إطلاقها، بحيث لو أفتي الشخص بحكم كان له أن يتركه؛ لأن قلبه لم يقبله، فهذا لا يقول به أحد، كما أن القلب المقصود قلب خاص، وليس أي قلب.
جاء في البحر المحيط للزركشي: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: استفت قلبك وإن أفتاك الناس. فذلك في الواقعة التي تتعارض فيها الشبه، والريب.
قال الغزالي: واستفتاء القلب إنما هو حيث أباح الشيء, أما حيث حرم، فيجب الامتناع, ثم لا يعول على كل قلب, فرب موسوس ينفي كل شيء, ورب مساهل نظر إلى كل شيء، فلا اعتبار بهذين القلبين, وإنما الاعتبار بقلب العالم الموفق، المراقب لدقائق الأحوال, فهو المحك الذي تمتحن به حقائق الصور, وما أعز هذا القلب. اهـ.
وإذا تقرر هذا، فإن شعور السائل بالإثم في أمر معين، لا يعني بالضرورة أن ذلك الأمر محرم، فعليه أن يحذر من المبالغة في هذا الجانب، وأن يعتمد على فتاوى أهل العلم الموثوقين فيما يشكل عليه.
والله أعلم.