الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا انتقلت المرأة إلى بيت زوجها كان زوجها أملك لها من أبويها، وطاعتها له مقدمة على طاعة أبويها، وتكون المسؤولية عليه تجاهها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.
قال السعدي في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك... اهـ.
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته.
فزوجها مسؤول عنها أمام الله فعليه أن يلزمها بالحجاب، وهذا لا يعني أن لا يقوم أبوها أو غيره ممن يراها على منكر من القيام بواجب النصح والإنكار، روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف. اهـ.
وإذا رجي أن ينفعها الهجر فليهجرها، فالهجر يرجع فيه إلى المصلحة، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 28560
والغالب في الوالد أن يكون هجره رادعا للبنت عن المعصية.
والله أعلم.