الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما جرى على لسانك من الدعاء على نفسك غلطًا لا مؤاخذة فيه لعدم القصد؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. رواه ابن ماجه، وغيره، وصححه الألباني.
مع أن بعض أهل العلم قال إن دعاء الشخص على نفسه حتى وإن كان عمدًا من قبيل اللغو فلا يستجاب؛ جاء في تفسير البغوي: قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدًا، ويقول: هو كافر إن فعل كذا. فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به، ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة، كما قال تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم، قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم. قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. اهـ
وقال ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفًا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم. اهـ.
وبناء على ذلك؛ فالدعاء الذى صدر منك غلطًا لن يكون مستجابًا -إن شاء الله تعالى-, وبالتالي؛ فلا داعي للحرج الذي تشعر به, ولن يكون له تأثير -بإذن الله تعالى-, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 56526.
والله أعلم.