الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى وجهاً لجواز أن تكذبي على زوجك في ذلك، هذا مع ما فيه من بَهْتِ أولئك النسوة، ففي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه.
وفي سنن أبي داود والترمذي ومسند أحمد: عن عائشة، قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبكَ من صفية كذا وكذا ـ تعني أنها قصيرة ـ فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، قالت: وحكيت له إنساناً، فقال: ما أُحب أني حكيتُ إنساناً وأن لي كذا وكذا. واللفظ لأبي داود.
فهذا وقد قالت له ما فيها من شَكلها وخِلقتها، فكيف بمن ذكرتْ ما ليس فيها، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم بُهتاناً وهو أعظم من الغيبة؟ فعليكِ أن تتقي الله في نفسكِ، وألا تقعي في مثل هذا الذنب، وعليكِ ـ إن خفتِ أن يعصيَ الله من وراء ذلك ـ بتذكيره بتقوى الله جل وعلا، وألا يُعلّقَ قلبه بامرأةٍ لا تحل له، كما عليكِ أن تُذكّري من يصفُ له النساءَ بتقوى الله جل وعلا، واتباع قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تباشرِ المرأةُ المرأةَ، فتنعتَها لزوجها كأنه ينظر إليها. رواه البخاري من حديث ابن مسعود.
قال الوزير ابن هبيرة في الإفصاح: والمراد بالمباشرة قيل: إنه رؤية البشرة، فلا ينبغي أن تصف ذلك لزوجها لا على وجه المدح، فربما عرَّضه للافتتان بها، ولا على وجه الذم والوقيعة، فتمدحَ نفسها، فعلى كلا الحالين الوصف مكروه. اهـ.
وقال ابن بطال: قال أبو الحسن بن القابسي: هذا من أبين ما تُحمى به الذرائع، فإنْ وصفتها لزوجها بحُسنٍ خيف عليه الفتنة، فيكون ذلك سببًا لطلاق زوجته ونكاحها إن كانت ـ يعني الموصوفة ـ ثيبًا ـ أي خليةً عن زوجٍ ـ وإن كانت يعني الموصوفة ذاتَ بَعلٍ ـ أي متزوجةً ـ كان ذلك سببًا لبغضه زوجته ونقصان منزلتها عنده، وإن وصفتها بقبحٍ، كان ذلك غيبةً. اهـ.
والله أعلم.