الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة التي تحصل بينك وبين دور النشر مشتملة على بيع وشرط ينافي مقتضى عقد البيع، حيث يشترطون أن لا تبيع الكتب في بعض البلدان المعينة.
وهذا النوع من البيوع منهي عنه شرعا، فقد روى الطبراني عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط.
وعند جمهور أهل العلم أن هذا النوع من الشروط مبطل للبيع، ومنهم من يجيزه إذا كان الشرط إنما يستثني قليلا من الناس كفلان، أو جماعة محدودة.
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فأما الشرط الذي يناقض مقتضى العقد، فهو الذي لا يتم معه المقصود من البيع، مثل أن يشترط عليه أن لا يبيع، ولا يهب. وهذا إذا عمم، أو استثنى قليلا كقوله: على أن لا تبيعه جملة، أو لا تبيعه إلا من فلان. وأما إذا خصص ناسا قليلا، فيجوز. قال اللخمي: وإن باعه على أن لا يبيعه من فلان وحده، جاز. وإن قال: على أن لا تبيعه جملة، أو لا تبيعه إلا من فلان، كان فاسدا. ثم قال: وإن قال: على أن لا تبيع من هؤلاء النفر، جاز. اهـ.
والراجح عندنا صحة البيع، مع بطلان الشرط، كما تقدم في الفتوى رقم: 105702، والفتوى رقم: 110193.
وعليه، فإن الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من الإقدام على هذا النوع من المعاملات المحرمة، ومن الكذب أيضا.
أما المال الذي كسبته من بيع الكتب، فهو حلال عليك؛ لأن البيع -كما رجحنا صحيح، والشرط باطل- وبالتالي فالكتب ملك لك بموجب العقد الحاصل، ويجوز لك أن تبيعها حيث شئت، وتنتفع بما يحصل لك من أثمانها.
وعليك مستقبلا أن تحذر من الإقدام على مثل هذا النوع من المعاملات المنهي عنها.
والله أعلم.