الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا القول حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن المفسرين.
حيث قال في مجموع الفتاوى: وقد يسمى البخار دخانا، ومنه قوله تعالى:{ ثم استوى إلى السماء وهي دخان } قال المفسرون: بخار الماء، كما جاءت الآثار: { إن الله خلق السموات من بخار الماء} وهو الدخان. انتهى.
وقد ذكر هذا القول كثير من أهل العلم من المفسرين، وغيرهم من غير نكير، ورووا فيه بعض الآثار، فممن ذكر ذلك: الطبري، والبغوي، وابن كثير، والشوكاني في تفاسيرهم، والإمام الدارمي في الرد على الجهمية، وغيرهم.
وقد روى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن أول شيء خلقه الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: وما أكتب؟ فقال: القدر، فجرى من ذلك اليوم بما هو كائن، إلى أن تقوم الساعة، قال: وكان عرشه على الماء، فارتفع بخار الماء، ففتقت منه السماوات، ثم خلق النون فبسطت الأرض عليه، والأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإن الجبال تفخر على الأرض. قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وروى عبد الرزاق في مصنفه بلفظ: عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ {هود:7}، قلت: "على أي شيء كان الماء قبل أن يخلق شيء؟ قال: على متن الريح"، قال ابن جريج: قال سعيد بن جبير: فقال ابن عباس: فكان يصعد إلى السماء بخار، كبخار الأنهار، فاستصبر ، فعاد صبيرا، فذلك قوله: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ {فصلت:11}.
وذكر أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- ابن خزيمة في كتاب التوحيد، والبيهقي في: الأسماء والصفات، بألفاظ مختلفة.
والله أعلم.