الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الجنب والحائض ممنوعان من اللبث في المسجد، لقوله تعالى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا {النساء:43}.
وهذا مذهب الجماهير، خلافا لبعض أهل العلم، وذهب بعض العلماء إلى جواز مكث الحائض في المسجد، قال ابن حزم: وَجَائِزٌ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجَا، وَأَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ، وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَهْيٌ عَنْ شيء من ذلك...
ثم استدل للجواز وناقش أدلة المانعين، ثم قال: وهذا قول المزني وداود وغيرهما. انتهى.
والمعتمد هو قول الجماهير وهو المنع، والذي يظهر أن ما ذكرته ليس عذرا يبيح لك المكث في المسجد، فيمكنك أن تغطي وجهك فتجتنبين بذلك الفتنة، ولو لم يعلم بذلك والداك، ولا إثم عليك في ذلك، بل الإثم عليك في طاعتهما في الامتناع من ستر الوجه على القول بوجوبه، وهو المفتى به عندنا، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا نتصور أن الجامعة على اتساعها تخلو من مكان يمكنك الجلوس فيه دون تعرض للفتنة سوى المسجد، فالذي ننصحك به هو أن تتقي الله تبارك وتعالى ما استطعت، وتستري وجهك عن أعين الرجال الأجانب، وتبحثي عن مكان آمن سوى المسجد تجلسين فيه، ولن يتعذر ذلك عليك فيما يبدو، فإن تعذر وكنت تخافين على نفسك ضررا حقيقيا في دينك أو مالك أو عرضك، ولم يكن ذلك مجرد وهم، فلك أن تمكثي في المسجد وأنت حائض لدفع الضرر.
والله أعلم.