الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد بنيت في غير ملكك ـ ولو في جزء يسير ـ فقد كذبت في يمينك بأنك بانٍ في ملكك، ووقعت في اليمين الغموس، ولا ينفعك في اليمين التي طلبها منك القاضي التأويل وشبهه، فإن اليمين على نية المستحلف ـ وهو هنا القاضي ـ في الدعاوى باتفاق العلماء.
فقد جاء في صحيح مسلم : عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليمين على نية المستحلف»
قال النووي في شرحه: وهذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقا فحلفه القاضي فحلف وورى فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي ولا تنفعه التورية، وهذا مجمع عليه ودليله هذا الحديث والإجماع... وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه، فتكون على نية المستحلف وهو مراد الحديث. اهـ.
وقال ابن تيمية: ونظير هذا أن يتأول الحالف من يمينه إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن يمينك على ما يصدقك به صاحبك، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين ولا ينفعه التأويل وفاقا. اهـ. من الفتاوى الكبرى.
فالواجب التوبة إلى الله جل وعلا من يمينك تلك، وأما عن الكفارة: فاليمين الغموس لا تجب فيها كفارة يمين عند جماهير العلماء، قال ابن هبيرة: ثم اختلفوا في اليمين المغموس هل لها كفارة؟ فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه: لا كفارة لها لأنها أعظم من أن تكفر، وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: تكفر، واليمين المغموس هي الحلف بالله على أمر ماض معتمد الكذب فيه. اهـ. من اختلاف الأئمة العلماء. ومع ذلك فإن كفرت عن يمينك فهو أسلم وأحوط، وراجع الفتوى: 7258.
والله أعلم.