الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالكتاب الذي استعرت من المدرسة المذكورة، يلزمك رده إليها بأي وسيلة ممكنة، فإن تعذر ذلك -بعد بذل ما وسعك من جهد- لزمك التصدق به عنهم.
وقد ورد إلى علماء اللجنة الدائمة سؤال يقول: رجل تعامل مع أحد النصارى، وبقي للنصراني بعد المعاملة بعض الدنانير عند الرجل، واختفى هذا النصراني، وبقيت الدنانير عند الرجل، والمشكلة أنه لا يعرف أين يسكن هذا النصراني، ولا أين هو؟
فأفيدونا -حفظكم الله- ما يفعل الرجل بهذه الدنانير؟
فكان جوابهم: الواجب في مثل هذه الحال: البحث عن صاحب الحق حتى يؤدى إليه حقه، وبما أنك لا تعرف مكان عمله، ولا إقامته، فإنك تتصدق بهذه الدنانير بالنية عن صاحبها، فإن جاء إليك يومًا يطلب حقه، فأخبره بما عملت، فإن أقره، وإلا فادفع إليه حقه. اهـ.
أما قولك إن الصدقة لن تنفع الكفار، فليس على إطلاقه، إذ إنها تنفعهم في حياتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةً، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر، فيُطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه أحمد بإسناد صحيح.
قال الطبري رحمه الله: من عمل عملاً صالحا في غير تقوى، يعني من أهل الشرك أعطي على ذلك أجراً في الدنيا: يصل رحماً, يعطي سائلاً, يرحم مضطرّا في نحو هذا من أعمال البرّ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا, ويوسع عليه في المعيشة والرزق, ويقرّ عينه فيما خوّله, ويدفع عنه من مكاره الدنيا في نحو هذا, وليس له في الآخرة من نصيب. اهـ.
والله أعلم.