الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن زوجتك جملة أمور منكرة - إن ثبتت عنها - فإنها تدل على معصية ربها، ونشوزها، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تطيعك في المعروف، وإلا كان لك الحق في تأديبها على النحو الذي جاء به الشرع، وقد بيناه في الفتوى رقم: 1103.
ومن أكبر الخطأ تدخل الوالدان، أو أحدهما على وجه يكون له آثار سلبية على العلاقة بين الزوجين، فإن كان لا بد من التدخل، فليكن على وجه يؤدي إلى الإصلاح، لا أن يؤدي إلى الإفساد.
وليس من حق والد زوجتك أخذها إلى بيته من غير إذنك، ورضاك، ولكن إن كان للناس عادة في ذلك، فينبغي أن تراعى، خاصة أن المرأة خلال فترة النفاس ربما احتاجت إلى إعانة أمها لها.
وليس من حق والدها أيضا أن يرفض رجوعها إليك، ولا يلزمك استئذانه في رجوعها، بل يجب على زوجتك طاعتك، وإن رفض والدها، فإن الزوجة بعد دخول زوجها بها طاعتها لزوجها، لا لأبيها.
جاء في تحفة المحتاج -في الفقه الشافعي- عند الكلام عن موجبات النفقة، ومسقطاتها قوله: والخروج من بيته ـ أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه ـ ولو ببيتها، أو بيت أبيها ـ كما هو ظاهر ـ ولو لعبادة، وإن كان غائبًا - بتفصيله الآتي - بلا إذن منه، ولا ظن رضاه، عصيان، ونشوز؛ إذ له عليها حق الحبس في مقابلة المؤن.... اهـ.
وطلب تدخل العقلاء من الناس - إمام المسجد، أو غيره - هو عين الحكمة، فإن رب العزة والجلال قد ندب إلى التحكيم في حال الشقاق، فقال: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، ومن يبتغي الإصلاح لا يرفض سلوك هذا السبيل.
ولا يلزمك شرعًا إتيانها في بيتها لإرجاعها، إلا أن تشاء بطيب نفس منك.
ونوصي بالاستمرار في توسيط العقلاء من أهلك، وأهلها -عسى أن يتم الإصلاح-.
فإن لم يتم ذلك، وأصرت هي، أو أبوها على عدم الرجوع إلى البيت، فانظر في أمر تطليقها، فمثلها قد يندب تطليقها، ولك الحق في أن تمتنع عن مفارقتها؛ حتى تفتدي منك بمال، وانظر الفتوى رقم: 124796، والفتوى رقم: 113289.
وأما طلبها الخلع، فلا يجوز إلا لمسوغ شرعي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 276688.
وإذا لم يحصل الطلاق، أو الخلع، فالأصل بقاء الزوجية.
والزوجة الناشز تسقط نفقتها، كما بينا في الفتوى رقم: 159665، وفيها بيان خلاف الفقهاء في نفقة الحامل الناشز .
وأما هذا الابن فنفقته واجبة عليك، ومن قام بالواجب فلا إثم عليه، وانظر الفتوى رقم: 182617.
وننبه هنا إلى أن للمرضع الحق في الأجرة، وتراجع الفتوى رقم: 31165.
وحضانة الطفل حال قيام الزوجية، حق للوالدين معًا، وعلى كل تقدير - أي: حال الاجتماع، أو الافتراق - فلكل منهما الحق في رؤيته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 97068.
والتحاكم للقوانين الوضعية محرم إلا لضرورة، فمن له حق لم يمكنه استخلاصه إلا من هذا السبيل، كان له ذلك، ولكن لا يجوز له أخذ ما لا يستحقه.
والحضانة عند اجتماع الأبوين قد علمنا حكمها، وإذا افترقا فالحضانة حق للأم، ما لم تتزوج، أو يقم بها مانع شرعي، وراجع الفتوى رقم: 6256.
ولا ريب في أن مصلحة المحضون هي المعول عليه في الحضانة، فإن اختل في الزوجة شيء من شروط الحاضن، فيمكنك أن تستند إلى ذلك لإسقاط حضانته عنها، وراجع الفتوى رقم: 133906، ورقم: 9779.
والله أعلم.