الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت حلفت على الشخص المذكور أن لا يخرج، وخرج؛ فإنك قد حنثت في يمينك تلك، ويلزمك تكفيرها.
وإن كنت حلفت بعد ذلك أيمانا متعددة، على أشياء مختلفة -كما تقول- فإن الكفارة تتعدد عليك- على الراجح من أقوال أهل العلم- بتعدد المحلوف عليه، والحنث في كل واحد منها.
وكون من أحنثك شخص واحد، لا يغير من الأمر شيئا، ما دامت الأشياء المحلوف عليها، أو عنها مختلفة، مثل ما إذا قلت له: والله لا تأكل هذا الطعام، والله لا تلبس هذا الثوب، والله لا تخرج من البيت. فإنه إن أحنثك في الجميع، وجبت عليك ثلاث كفارات، وإن أحنثك في واحدة منها، وجبت عليك كفارة واحدة، وهكذا .. وانظر الفتوى رقم: 113144
وأما الفقير الذي تعطى له الكفارة، والزكاة. فيكفي التحقق من إسلامه ظاهرا، وحصول غلبة الظن بكونه من أهل الزكاة، ولا يلزم التحري، والبحث عن حاله.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ولا تعطى - أي الزكاة - إلا لمن تحقق إسلامه ظاهراً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم» وكلما كان المعطى من الفقراء والمساكين أتقى، وأكثر طاعة، فهو أولى من غيره. اهـ.
ولا تجب الاستدانة من أجل التكفير، لمن يكن له مال، بل ينتقل المكفر إلى الصوم مباشرة إذا عجز عن التكفير بالإطعام، أو الكسوة، أو العتق؛ لقوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}، وانظر الفتوى رقم: 127048
والراجح أن الكفارة واجبة على الفور، كما أشرنا في الفتوى المحال عليها آنفا، وبالتالي فإنه يلزمك المبادرة إلى التكفير على نحو ما تقدم في الآية، ولا تؤخر الكفارة من أجل الحصول على المال إذا كنت قادرا على الصوم.
والله أعلم.