الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرض بفائدة ربا محرم بإجماع المسلمين، وقد أحسنت إذ نصحت القائمين على الشركة بعدم الاقتراض بالربا، وإذا كانت نسبة مشاركتك في الشركة تخولك رفض الاقتراض بالربا وتعطيك حق الاعتراض عليه، فقد كان الواجب عليك ذلك وتأثم بإقرارك له، ولا سيما لو كنت ستعين عليه بتسجيل ومتابعة ونحو ذلك بصفتك محاسبا في الشركة، لما في صحيح مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.
فإن لم يكن الأمر كذلك ولن تعين عليه في عملك، ونسبة مساهمتك في الشركة لا تخولك الاعتراض على ذلك القرار ولا تستطيع منعه، فلا يلحقك إثم بسببه بعدما فعلت ما بوسعك من نصح وتذكير، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {المائدة:105}.
أي أن المرء إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وفعل ما يستطيع، فليس يضره بعد ذلك ضلال المنهي وعدم رجوعه إلى الصواب.
وأما عن خروجك من الشركة: فينظر إن كان مثل هذا الاقتراض ليس مما قامت عليه الشركة ولا هو سياسة مستقبلة لها، فلا يلزم خروجك، وإلا لزم، لكن إن كان خروجك الآن تترتب عليه خسارة فادحة، فلا بأس أن تتأخر إلى أن تتمكن من الخروج دون لحوق خسارة فادحة بك من باب الضرورة، وهي تقدر بقدرها، ومع هذا لا يجوز لك وأنت تعمل محاسبا في الشركة أن تحسب هذه الفوائد.
والله أعلم.