الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اعتمرت عن والدك قبل أن تعتمر عن نفسك؛ فإن هذه العمرة لا تصح عنه؛ لأن العمرة عن الغير لا تصح إلا بعد أن يعتمر الإنسان عن نفسه؛ لما ثبت عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، قَالَ: مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي، قَالَ: حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ. رواه أبو داوود وابن ماجه وصححه الألباني.
والعمرة كالحج في هذا كما قال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 184127، وهي بعنوان: النيابة في العمرة لا تصح إلا ممن اعتمر عن نفسه أولا.
وعمرتك في هذه الحالة تكون عن نفسك للعمرة الواجبة عليك بالإسلام؛ كما ذهب إليه الشافعية ومن وافقهم؛ قال الإمام النووي في المجموع: لَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ حَجَّةُ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا لِمَنْ عَلَيْهِ عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ إذَا أَوْجَبْنَاهَا أَوْ عُمْرَةُ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَنْ يَعْتَمِرَ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْغَيْرِ، هَذَا مَذْهَبُنَا وبه قال ابن عباس.
والقول بوجوب العمرة وعدم صحة النيابة فيها ممن لم يعتمر عن نفسه هو المفتى به عندنا؛ كما سبق بيانه في الفتوى المشار إليها، وعلى ذلك فإن عمرتك تكون عن نفسك لا عن والدك.
والله أعلم.