الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الدعوة إلى الله، ومخاطبة العصاة والمذنبين هو اللين، والرفق، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وقد أرسل الله موسى وهارون إلى فرعون أخبث الناس، وقال لهما: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44}، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: المؤمن ينصح الناس، ولكن بالرفق، بالكلام الطيب، لا بالتعدي على الناس، ولا بضربهم، ولا بشتمهم، ولعنهم، ولكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، قال الله جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ـ وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ـ وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه ـ ولا سيما في هذا العصر عصر الرفق، والصبر، والحكمة، وليس عصر الشدة، الناس أكثرهم في جهل، في غفلة إيثار للدنيا، فلا بد من الصبر، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا. انتهى بتصرف يسير.
فإذا علمت هذا؛ فإن من يستعمل التوبيخ مع العصاة في كل حال جدير بأن ينصح، ويذكر، ويبين له أن الأصل، وخاصة في هذا العصر هو الرفق، واللين، إلا إذا تعينت الشدة طريقًا للنصيحة، وعلم أن غيرها لا يؤثر، وأما التعزير بالضرب، ونحوه فهو لولي الأمر، ولا تنافي بين هذا التعزير حيث شرع، وبين كون الأصل في الدعوة هو اللين، والرفق، كما بيناه في الفتوى رقم: 138316، فلتنظر وما تضمنته من إحالات.
والله أعلم.