الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله على توبتك من هذه العلاقة، ونسأل الله أن يتقبلها منكِ، ويثبتكِ عليها، وأن يبدل سيئاتكِ حسنات؛ قال الله -عز وجل-: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 70}.
وما دمتِ قد وعدتِ هذا الرجل بشيء يرى أثره في الآخرة، فأوفي بوعدك له، وإن أبغضتِه في الله بغضًا شديدًا؛ فإنها صدقةٌ منكِ عليه، ولعلها تنفعه يوم القيامة، وقد قال الله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا {البقرة: 177}. فمدح المتصدقين والموفين بعهدهم ووعدهم إذا عاهدوا ووعدوا.
قال الإمام البغوي في تفسيره: [{والموفون بعهدهم} فيما بينهم وبين الله -عز وجل-، وفيما بينهم وبين الناس، {إذا عاهدوا} يعني: إذا وعدوا أنجزوا، وإذا حلفوا ونذروا أوفَوا، وإذا عاهدوا أوفَوا، وإذا قالوا صدقوا]. اهـ.
وكون الرجل كان سبب معصيتكِ ليس بأولى من كونكِ أنتِ كنت سببَ معصيته، وعلى كلٍّ؛ فقد منَّ الله عليكِ بالتوبة -والحمد لله-، فتصدقي عنه بظهر الغيب وفاءً بوعدكِ، مع عقد العزم على عدم العود إلى محادثته، ولا حتى لأجل أن تخبريه بأنكِ أوفيتِ بوعدكِ له؛ إذ لا يلزم علمه بذلك.
وقد بيّنّا حكم التصدق عن الأحياء في الفتوى رقم: 73290، والفتوى رقم: 166781، وبيّنّا أن المتصدق عن غيره يحصل على ثوابٍ أيضًا.
والله أعلم.