الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يتم عليك نعمة التوبة والهداية، وبالنسبة للتوبة من التعدي على حقوق الآدميين بالسرقة ونحوها، فصحيح أنه يجب استحلالهم منها، أو الوفاء بها وردُّها إلى أصحابها، ولكن هذا مع القدرة على ذلك ومعرفة أصحابها وإمكان الوصول إليهم، فإن تعذر ذلك لنحو الأسباب المذكورة في السؤال فيكفي التصدق بها عن أصحابها، جاء في حاشية ابن عابدين الحنفي: عليه ديون ومظالم جهل أربابها وأيس من عليه ذلك من معرفتهم فعليه التصدق بقدرها من ماله.. اهـ.
وقال أبو الوليد ابن رشد في مسائله: الواجب عليه في خاصة نفسه: أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، برد ما عليه من الحرام لأربابه إن عرفهم، أو التصدق به عنهم إن لم يعرفهم.. اهـ.
وراجع الفتويين رقم: 122402، ورقم: 114435.
وإن بذلت هذه الصدقة لمن يغلب على ظنك فقره، أجزأتك، وإن كنت لا تعرف أحدا من الفقراء فيمكنك أن تستعين على ذلك بالثقات من أهل الخير، أو بالجمعيات الخيرية الموثوقة.
وأما كيفية التوبة من الغيبة ونحوها من الحقوق المعنوية: فيرى بعض المحققين من أهل العلم أنه يجزئ مع التوبة النصوح أن يستغفر المغتاب لمن اغتابه ويجتهد له في الدعاء ويذكره بالخير، وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 18180، 66515، 127747، 171183.
والله أعلم.