الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف في المراد بأولئك هل يعني به الفريقان أم الفريق الأخير فقط؟ كما اختلف في النصيب هل يراد به الدعاء أو الأعمال؟ فقد جاء في زاد المسير في علم التفسير: قوله تعالى: أولئك لهم نصيب مما كسبوا ـ قال الزجاج: معناه: دعاؤهم مستجاب، لأن كسبهم هاهنا هو الدعاء، وهذه الآية متعلقة بما قبلها، إلا أنه قد روي أنها نزلت على سبب يخالف سبب أخواتها، فروى الضحاك عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله، مات أبي ولم يحج، أفأحج عنه؟ فقال: لو كان على أبيك دين قضيته، أفكان ذلك يجزئ عنه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى، قال: فهل لي من أجر؟ فنزلت هذه الآية. اهـ.
وفي البحر المحيط في التفسير: أولئك لهم نصيب مما كسبوا ـ تقدم انقسام الناس إلى فريقين: فريق اقتصر في سؤاله على دنياه، وفريق أشرك في دنياه أخراه، فالظاهر أن: أولئك، إشارة إلى الفريقين، إذ المحكوم به، وهو كون: نصيب لهم مما كسبوا، مشترك بينهما، والمعنى: أن كل فريق له نصيب مما كسب، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ولا يكون الكسب هنا الدعاء، بل هذا مجرد إخبار من الله بما يؤول إليه أمر كل واحد من الفريقين، وأن أنصباءهم من الخير والشر تابعة لأكسابهم، وقيل: المراد بالكسب هنا الدعاء، أي: لكل واحد منهم نصيب مما دعا به، وسمي الدعاء كسبا لأنه عمل، فيكون ذلك ضمانا للإجابة ووعدا منه تعالى أنه يعطي كلا منه نصيبا. اهـ.
وفي تفسير القرطبي: أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ـ فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: أولئك لهم نصيب مما كسبوا ـ هذا يرجع إلى الفريق الثاني فريق الإسلام، أي لهم ثواب الحج أو ثواب الدعاء، فإن دعاء المؤمن عبادة، وقيل: يرجع: أولئك ـ إلى الفريقين، فللمؤمن ثواب عمله ودعائه، وللكافر عقاب شركه وقصر نظره على الدنيا، وهو مثل قوله تعالى: ولكل درجات مما عملوا {الانعام: 132}. اهـ.
وفي تفسير النسفي: أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ـ أولئك: أي الداعون بالحسنتين: لَهُمْ نَصِيبٌ مّمَّا كَسَبُواْ ـ من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة، وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة، أو من أجل ما كسبوا، وسمى الدعاء كسباً لأنه من الأعمال، والأعمال موصوفة بالكسب، ويجوز أن يكون أولئك للفريقين، أو أن لكل فريق نصيباً من جنس ما كسبوا. اهـ.
والله أعلم.