الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل والإقلاع عما كنت عليه، ولتبشر بتوبة الله عليك ـ إن شاء الله ـ فهو سبحانه يقبل توبة العبد مهما عظم ذنبه وجرمه ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، وقد وعد سبحانه وتعالى التائبين بالمغفرة والرحمة، فقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54}.
وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110}
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.
لكن ينبغي أن تعلم أن ما كان من الذنوب متعلقا بحقوق الآدميين، فلا بد فيه من رد الحق لأصحابه، أو استحلالهم منه، وانظر الفتويين رقمهم: 3519، ورقم: 167327.
وبناء على ذلك، فإن عليك أن ترد ما أخذت من جدتك أو تستحلها منه ـ إن كانت تعقل الأمور وتميز الأشياء ـ وإذا توفيت قبل ذلك، فإن حقها ينتقل لورثتها، وكذلك الحال بالنسبة لإخوتك، فلا بد أن ترد إليهم حقوقهم أو تطلب منهم المسامحة بشأنها، فإن فعلوا ذلك وكانوا بالغين رشداء، فقد برئت ذمتك، وإلا فلا بد من رد الحقوق إليهم، ولا بأس بإخبار والدتك لعلها تساعد في الوفاء بهذه الحقوق التي ترتبت في ذمتك، وإذا كنت عاجزا عن الوفاء بالحقوق الآن ولم يسامحك أصحابها بها، فإنها تبقى دينا في ذمتك حتى تتمكن من الوفاء بها، مع الاجتهاد في ردها وعدم التهاون في ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.