الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت عن زوجك، فإنه مسيء من جهتين:
الأولى: بتفريطه في جنب الله، والعمل بما يسخطه حين آوى في بيته امرأة أجنبية عليه، وهذا باب من أبواب الفتنة وسبب لانتشار الفواحش، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، وراجعي الفتوى رقم: 57740، والفتوى رقم: 30003. ومن الغريب إصراره على هذا الفعل القبيح!
الثانية: هجره زوجته وولده، وضربه زوجته مثل هذا الضرب المؤذي، وقد جاءت السنة الصحيحة بالنهي عن ذلك، وانظري الفتوى رقم: 62239 .
وإذا وصل الأمر إلى هذا الحال من سوء العشرة، ولم يكن بالإمكان الإصلاح، فالفراق أفضل؛ قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وينبغي لزوجك إجابتك إلى الطلاق، ولا يحق له الامتناع عن تطليقك حتى تدفعي له عوضًا أو تتنازلي عن حق، فإن بعض الفقهاء قد نص على أنه لا يجوز للزوج أخذ عوض في مقابل الطلاق إن كان هو المضر بالزوجة، وقد ذكرنا كلامهم في ذلك بالفتوى رقم: 100270.
فنصيحتنا أن تبذلي الحيلة في سبيل التخلص منه ولو بدفع عوض مالي.
وأما الخلع في مقابل التنازل عن الحضانة: فجائز، ولكن الأصل في الحضانة مراعاة مصلحة المحضون، ولذا جعل الفقهاء شروطًا للحاضن بيّنّاها في الفتوى رقم: 9779. هذا بالإضافة إلى أن بعض الفقهاء قد اشترط لاستحقاق الأب الحضانة أن تكون معه أنثى صالحة، وراجعي الفتوى رقم: 96892، فإن اختل شيء من هذه الشروط بحيث تتضرر البنت بوجودها معه فلا تتنازلي له عنها.
وما دمت في عصمته فلك عليه النفقة والسكنى بالمعروف، وكذلك نفقة ابنته، وهو آثم إن فرط في ذلك مع قدرته؛ روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت». وإذا قدرتِ له على مال كان لك الحق في أخذ ما يكفيك وولدك بالمعروف، وراجعي الفتوى رقم: 19453.
واعلمي أنه لا يجوز التحاكم للمحاكم الوضعية لغير ضرورة، ولا العمل بأحكامها التي تخالف الشرع، ومن ذلك الحكم بنصف البيت للزوجة والأطفال، فالذي يلزم الزوج سكناهم لا تمليكهم البيت.
ولمعرفة حكم السكنى في حال الطلاق وحضانة الأم للأولاد راجعي الفتوى رقم: 24435.
ونصيحتنا لك الاستعانة بالمراكز الإسلامية وجماعة المسلمين هناك بحيث يمكن حل هذا الإشكال بعيدًا عن القوانين الوضعية.
والله أعلم.