الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لكِ حرصك على العلم والتعلم، وحزنك على ما ضيعتِ من ذلك، ونسأل الله تعالى أن يجعلكِ من أهل العلم العاملين بما علموا.
وما أشرتِ إليه من كثرة من المواد وتنوعها والكمية الكبيرة التي تعطى للطالب منها؛ يعد من أهم الأسباب التي تشتت ذهنه، ولا تعينه على ضبط وحفظ ما أخذ من العلم، وقد روي عن بعض السلف قوله: من رام العلم جملة ذهب عنه جملة، إنما يؤتى العلم على مر الأيام والليالي. لذا ينبغي أن تتداركي هذه النقطة فيما يستقبل، وأن تركزي على ضبط وحفظ ما تأخذين قبل أن تتجاوزي إلى غيره، مع التدرج في المتون بدءًا بالأقصر، ثم المتوسط، فالطويل، وقد وضعنا في الفتوى رقم: 301906 منهجًا للتدرج في طلب العلم، فنوصيكِ بمراجعتها لعلها تفيدكِ في هذا الأمر، كما نوصيكِ بعدم الاعتماد على نفسك فقط؛ إذ لا بد من شيخ (رجل أو امرأة) تأخذين على يديه العلم، ويعينكِ في فهم عويصات المسائل، ويرشدكِ إلى ما يناسب مستواكِ من متون.
أما عن ما درستِ في السابق: فإن كنتِ نسيتِه بالكلية أو نسيتِ معظمه فنرى أن تأخذيه من جديد كأنك لم تدرسيه أصلًا، وإن كنتِ نسيتِ بعضه فقط فيمكن أن تتجاوزيه إلى غيره مع محاولة استرجاع ما نسيتِ منه بالمطالعة والتكرار، ونوصيكِ بتقوى الله سبحانه، والبعد عن المعاصي؛ فإنها سبب في نسيان المرء ما تعلم وعدم ضبطه له، وقد كان الشافعي -رحمه الله- آية في سرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، ثم أحس ذات يوم أنه لم يعد في الحفظ كما كان، فاشتكى إلى أستاذه وكيع بن الجراح -رحمه الله- سوء الحفظ فقال له: استعن على الحفظ بترك المعاصي؛ فنظم هذه الأبيات الرائعة والتي تفيض بالفقه والحكمة:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي.
وأخبرني بأن العلم نــــــــــور ونور الله لا يُهدى لعاصي.
ثم ننبهكِ على أن هناك ضوابط شرعية ينبغي الالتزام بها في حال تلقت المرأة تعليمها من الرجال أو في الأماكن المختلطة، وقد سبق بيانها في الفتويين رقم: 54191 ، 5310 .
والله أعلم.