الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزواج شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، فلعلو قدره، وشرفه، سماه رب العزة والجلال بالميثاق الغليظ، كما في قوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، وأخبر سبحانه أنه من آياته الدالة على عظمته، حيث قال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
فإن كان زوجك على الحال الذي ذكرت من كثرة التلفظ بالطلاق، فهو مسيء بذلك غاية الإساءة، ومعرض هذا الزواج للوهن.
وقوله لك: إن فعلت كذا، فلن تجلسي في البيت، ونحو هذا من الألفاظ، يعتبر كناية من كنايات الطلاق، وكنايات الطلاق يرجع فيها إلى قصد الزوج. هذا بالإضافة إلى أن الطلاق المعلق، محل خلاف بين الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 49451، ورقم: 5684.
والحلف بالطلاق، له حكم الطلاق المعلق، وانظري فيه الفتوى رقم: 11592. وطلاق الثلاث، في حكمه أيضا خلاف بين الفقهاء، أوضحناه في الفتوى رقم: 5584.
وكما رأيت، ففي كثير من هذه المسائل يرجع إلى نية الزوج، ومعرفة الحالات التي قد تحقق منك فيها، ما علق عليه الطلاق. هذا بالإضافة إلى الخلاف في هذه المسائل. فهذا يستدعي مراجعة المحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها كالمراكز الإسلامية في بلاد الغرب، فهي أجدر بالنظر في مثل هذا، وليتسنى للقاضي السماع من الطرفين، وبالإضافة أيضا إلى أن حكم القاضي يرفع الخلاف في مسائل الاجتهاد.
وطلب الطلاق، الأصل فيه الحرمة، إلا إذا كان هنالك مسوغ شرعي، وسبق بيان مسوغات طلب الطلاق، في الفتوى رقم: 37112.
وعلى كل، فإن كنت متضررة من البقاء مع زوجك، فلك الحق في طلب الطلاق، ولكن لو طلقك طلاقا صريحا الآن، فهذا لا يلغي ما يمكن أن يكون قد وقع من طلاق فيما سبق. ونؤكد على أهمية مراجعة القاضي الشرعي، أو من يقوم مقامه.
والله أعلم.