الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا منشؤه خلل في الفهم، وتصور أن هناك قولا راجحا بإطلاق، وأن المذاهب مبنية على خلاف هذا الراجح المطلق، وهذا كله غلط، فاعلمي أن الرجحان أمر نسبي إضافي، فقد يكون راجحا عند هذا العالم ما لا يكون راجحا عند غيره، وهكذا بحسب ما يظهر لكل واحد منهم من الأدلة، وأصحاب المذاهب المتبوعة إنما يفتون ويقررون المسائل على ما يرونه راجحا عندهم، فمثلا مذهب الحنابلة هو الراجح عندهم ولذلك تبنوه وقالوا به وهكذا في بقية المذاهب، ولا يتصور أن علماء المسلمين المشهود لهم بالعدالة يتعمدون مخالفة ما يعتقدونه صوابا موافقا للشرع في نفس الأمر ويقولون بخلافه، فإذا علمت هذا وعلمت أن كل مذهب من هذه المذاهب هو الراجح عند من تبناه وأنه ليس هناك قول هو الراجح مطلقا، فاعلمي أن العامي يجوز له أن يستفتي من يثق بدينه وعلمه من أتباع أي المذاهب كان، وله العمل بما يفتيه به؛ لكون هذا القول هو الراجح عند هذا المفتي، وتبرأ ذمة العامي بذلك، وانظري لبيان ما يفعله العامي عند اختلاف الفتوى فتوانا رقم: 169801، ولبيان حكم التمذهب الفتوى رقم: 169151.
والله أعلم.