الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنكاح له شروطه وأركانه التي لا يتم إلا بها، ومن أهمها: الصيغة -وهي: الإيجاب والقبول-، وكذا الولي، والشهود، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 7704.
فالصورة المذكورة بالسؤال ليست نكاحًا وإنما هو سفاح. ولا تستحل الفروج بمثل هذا التلاعب، فشأنها عظيم، ولذا ذكر الفقهاء أن الأصل في الأبضاع التحريم، وجعلوا هذا ضابطًا من الضوابط الفقهية.
والنكاح من شعائر الدين العظيمة، بيّن رب العزة والجلال أنه آية من آياته فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، ولشرفه وسمو قدره سماه -سبحانه وتعالى- بالميثاق الغليظ حيث قال: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، فأمرٌ هذا حاله كيف يجعل عرضة للاستخفاف به؟!
فالحاصل: أن هذا النكاح الذي تم دون ولي على ما يبدو ودون شهود لا يصلح نكاحًا؛ فيجب عليهما أن يفترقا، وإن أقدما عليه مع علمهما بتحريمه فالواجب عليهما التوبة، وشروطها مضمّنة في الفتوى رقم: 5450، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 17568.
وإن رغبا في النكاح فيجب أن يكون مستوفيًا شروط الصحة التي سبقت الإشارة إليها.
وإن لم يمكن هذا الشاب أن يقنع أهله بالموافقة على نكاحها فليدعها ويبحث عن غيرها، فالأصل وجوب طاعته والديه، إلا إذا خشي على نفسه مفسدة بعدم نكاحها، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 93194.
وننبه إلى أنه لا يشترط لصحة الزواج أن يتضمن شروطًا، وعدم تسمية المهر لا يتوقف عليه صحة النكاح، وتستحق المرأة في هذه الحالة مهر المثل كما ذكر أهل العلم، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 80278.
والله أعلم.