الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولًا أن الحلف بالطلاق بدعة منكرة، وسماه بعض أهل العلم بيمين الفساق، فمن يحلف به يأثم من هذه الجهة، وانظر الفتوى رقم: 65881.
والحلف بالطلاق، يقع به الطلاق عند تحقق المحلوف عليه في قول الجمهور، سواء قصد الزوج الطلاق، أم لم يقصده، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق إن قصد الزوج مجرد التهديد، ونحوه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11592.
وإن كان هذا الرجل قد حلف بالطلاق، وتكرر منه ذلك بناء على كلام من أفتاه بعدم وقوع الطلاق، فلا يترتب على ذلك وقوع طلاق؛ لأنه قد أتى بما هو مطلوب منه من سؤال أهل العلم، كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه، وبلده فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
ولكنه قد أساء بجعل الطلاق وسيلة تهديد لزوجته، وسبيلًا لحل المشاكل مع زوجته، وهذا يتنافى مع الشرع، والعقل، والحكمة، وينبغي له الاحتياط بعد أن علم أن جمهور الفقهاء على القول بوقوع الطلاق على كل حال.
وننبه إلى أن من تلفظ بكنايات الطلاق من غير نية، فطلاقه غير نافذ عند ابن تيمية، والجمهور، وراجع الفتوى رقم: 79215.
والله أعلم.