الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق قبل الدخول تحصل به البينونة الصغرى، فلا يحق للزوج أن يرجع زوجته إلا بعقد جديد كما سبق وأن أوضحنا في الفتوى رقم: 20741، ولا يلزم الزوج أن يخبر زوجته أو أهلها بتفاصيل ما حدث، ولكن من المعلوم أن الطلاق قبل الدخول تبين به الزوجة، ويجب لرجعتها عقد جديد، والنكاح لا بد فيه من الرضا، وهل يكفي ما كان من الرضا في حال الابتداء، لم نجد كلاما لأهل العلم بهذا الخصوص، والذي يظهر لنا ـ والله أعلم ـ أنه لا يكفي؛ لأنه في هذه الحالة يأتي كخاطب من الخطاب، فقد لا ترضى المرأة أو وليها بالعقد الثاني، وذلك حق لهما، لا يجوز إسقاطه.
فننصح بأن يتلطف الزوج في إخبار الزوجة وأهلها بالموضوع، فيخبرهم بأنه حصل منه ما يوجب تجديد العقد ويوهمهم أنه طلقها خطأ مثلا, فهذا من التورية، وفي التورية مندوحة عن الكذب، قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. وقال عمران بن حصين: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. رواهما البخاري في الأدب المفرد.
وننبه إلى أن الواجب أن يعرف الابن لأبيه قدره ومكانته، وليجتهد في بره ما استطاع إلى ذلك سبيلا ليفوز بخير الدنيا والآخرة، تراجع في بر الوالدين الفتوى رقم: 66308، والفتوى رقم: 136974، وفي المقابل ينبغي للأب أن لا يستغل سلطانه على ابنه ويتعسف ويأمر ابنه بما قد يدخله في شيء من الحرج، ولذا جعل الفقهاء قيودا لوجوب بر الابن بأبيه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 76303، والأولى على كل حال حل المشاكل بعيدا عن الطلاق.
والله أعلم.