الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حرمة سب الأموات، أو ذكرهم بسوء إلا إذا كان تحذيرًا من كفر، أو من عمل فاسد، فيباح لذلك فقط، وانظري الفتوى رقم: 73859.
وعليه؛ فقد أخطأت خطأ عظيمًا بشتم والدة من تشاجرت معه، وسبها، فإن ذلك حرام، ومنكر، وهو في حق الميت أسوأ؛ لأن عفو الحي، واستحلاله ممكن بخلاف الميت، جاء في مرقاة المفاتيح للملا قاري: قَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ: غيْبَةُ الْمَيِّتِ أَشَدُّ مِنَ الْحَيِّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَفْوَ الْحَيِّ وَاسْتِحْلَالَهُ مُمْكِنٌ، وَمُتَوَقَّعٌ فِي الدُّنْيَا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ. اهـ.
ومن ثم؛ فعليك أن تتوبي إلى الله توبة نصوحًا مستجمعة لشروطها من الندم، والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى، وإن كان بعض من شتمتهم ما زالوا أحياء، فاستحليهم، واطلبي منهم العفو.
وأما المرأة المتوفاة: فاجتهدي في الاستغفار، والدعاء لها، ونرجو أن يكون ذلك ـ مع التوبة الصادقة ـ كفارة لك إن شاء الله؛ إذ لا يسعك غيره، ونوصيك بالإكثار من صالح الأعمال، والسعي في الصلح بينك وبين من تشاجرت معهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة.. صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة. رواه الترمذي، وصححه، وأبو داود، وأحمد، وصححه الألباني.
وبخصوص ما قمت به من التصدق عمن شتمتها: فهو أمر حسن، وقد أجمعت الأمة على أن الميت ينتفع بالصدقة عنه، وانظري الفتويين رقم: 305350، ورقم: 25888.
والله أعلم.