الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما ذكرت من الطلاق الذي تم في المحكمة المدنية؛ فإن صح ما قلت من أن زوجك لم يتلفظ بالطلاق، وأنه كتبه لأجل الحصول على الأوراق للزواج من أخرى، وليس بنية الطلاق، فهذا الطلاق غير نافذ، وانظري الفتوى رقم: 139453.
وإن ادعى كذبًا أنك أردت فراقه للزواج من آخر، فهذا بهتان عظيم، تجب عليه التوبة منه.
وبخصوص الحالة الثانية التي أخبر فيها كذبًا أنه طلقك: لا ينفذ فيها الطلاق؛ لأنه لم يطلق حقيقة، وراجعي الفتوى رقم: 23014.
فهذه الوثيقة التي قد حصل عليها لا تعني أنك لست في عصمته، فيجب عليك الرجوع إلى بيت الزوجية، وطاعة زوجك في المعروف، فطاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 1032.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أن الزواج شعيرة من شعائر الإسلام، وسمّاه رب العزة والجلال بالميثاق الغليظ، فلا يجوز اتخاذه ألعوبة، فقد قال الله تعالى في ثنايا آيات الطلاق: وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:231}.
الأمر الثاني: من الغريب حدوث هذه الوقائع منذ سنوات، وسؤالك عنها الآن، والذي ينبغي للمسلم المبادرة إلى سؤال أهل العلم عما يحتاج إليه معرفته من أحكام الشرع لقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
الأمر الثالث: إذا حصل نزاع وخصومة، فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية لينظر القاضي في الأمر، ويسمع من الطرفين، فإن لم يوجد القاضي الشرعي فمن يقوم مقامه، كالمراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية.
الأمر الرابع: أن الإقامة في بلاد الكفر تنطوي على مفاسد كثيرة، ومن هنا حذر العلماء من الإقامة هنالك لغير ضرورة، أو حاجة شديدة، وتراجع الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.