الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن موضوع الأمانة هو أحد المسائل التي اعتنى بها الشرع أيما اعتناء، وحض عليها حضاً بالغاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وعليه، فالواجب على من كان لديه أمانة لغيره حفظها وعدم التصرف فيها إلا بإذن من صاحبها، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى التفصيل في المسألة فقالوا: إنه يحرم تسلف الأمانة إن كان المتسلف معدما لا يستطيع الوفاء بها، أو كانت هي من المقومات ـ كالحيوان والعروض.. ويكره تسلفها إن كانت نقداً أو من المثليات، وانظري الفتويين رقم: 77249، ورقم: 46768.
وبناء على هذا القول، فإن أخذك من ذلك المبلغ ـ إن كان بغير إذن أصحابه ـ فحكمه دائر بين الحرمة والكراهة، فإن كنت موسرة ففعلك هذا مكروه، وإلا فهو حرام، وذهب آخرون إلى أن الأمر ينبني على العلم بحال صاحب الوديعة، فإن علم أنه لا يمانع من تسلفها، فلا بأس، وإلا فلا يجوز التسلف بغير إذنه، يقول ابن تيمية: وأما الاقتراض من مال المودع: فإن علم المودع علما اطمأن إليه قلبه أن صاحب المال راض بذلك ، فلا بأس بذلك، وهذا إنما يعرف من رجل اختبرته خبرة تامة وعلمت منزلتك عنده، كما نقل مثل ذلك عن غير واحد، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في بيوت بعض أصحابه، وكما بايع عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ وهو غائب، ومتى وقع في ذلك شك لم يجز الاقتراض. اهـ.
وعلى العموم، فإنك بتصرفك في الأمانة دون إذن أصحابها تصبحين ضامنة لها، كما أشرنا في الفتويين رقم: 50810 ورقم: 1794
والله أعلم.