الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرفق ظاهره، وباطنه مما يجب غسله في الوضوء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ{المائدة:6}.
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله - مُعددا بعض الأحكام المستفادة من هذه الآية: الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حَدَّهما إلى المرفقين، و"إلى" كما قال جمهور المفسرين، بمعنى "مع" كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ. ولأن الواجب لا يتم إلا بغسل جميع المرفق. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: واتفق الأئمة الأربعة، على وجوب تعميم اليدين، والمرفقين بالماء. اهـ.
وعليه، فإذا كنت في السابق لا تعمم المرفق، وتترك جزءا منه دون غسل، فإن وضوءك غير صحيح، وبالتالي فصلاتك باطلة؛ لفقد شرط من شروطها وهو الطهارة المجزئة شرعا.
ويجب عليك عند جمهور أهل العلم، إعادة جميع الصلوات التي صليتها بوضوء ناقص.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- إلى أن من ترك مثل هذا جاهلاً بحكمه، لا تجب عليه إعادة ما مضى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :125226.
وهو قول له قوة واتجاه، ولكن الراجح عندنا قول الجمهور، وهو الذي نفتي به في هذه المسألة، ومع ذلك فلا مانع من أخذك بقول ابن تيمية، فإن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر، وتعذر التدارك، مما سوغه كثير من أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 125010.
وأما مسألة دخول الماء إلى الذكر وخروجه منه، فإننا نرجح أن ذلك مجرد وهم أو وسوسة، إذ إن الاستنجاء إذا حصل بالطريقة العادية، لا يدخل الماء إلى داخل الذكر. وحيث كان الأمر كذلك، فلا يترتب عليه شيء، ويتعين تجاهل الوسواس حتى لا يستحكم، ويفسد عليك أمورك.
أما إذا اتفق أنه فعلا دخل الماء إلى داخل الذكر، وخرج منه. فإنه في هذه الحالة نجس، وناقض للوضوء، كما سبق في الفتوى رقم: 185587. ومن ثم، فإن حصل ذلك، وتمت الصلاة قبل الوضوء، والطهارة منه، فالصلاة باطلة، وحكم إعادتها -لما سبق- كحكم المسألة السابقة، ما دامت جاهلا بالحكم في المسألتين.
والله أعلم.