الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت، فإن زوجك قد طلقك ثلاث طلقات، وقد بنت منه بينونة كبرى، فلا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجًا غيره، نكاح رغبة لا تحليل، كما قال تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ... إلى قوله سبحانه: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ..{البقرة:229 - 230}.
وبيان ذلك: أنه طلقك طلقتين جادًّا فيهما، كما هو واضح، وطلقك طلقة ثالثة هازلًا، كما أخبرك، وهذا لا ينفعه؛ لأن التلفظ بلفظ الطلاق الصريح، يعتبر طلاقًا، ولو قصد به الهزل؛ لأن الطلاق من المسائل التي يستوي فيها الجد والهزل، قال ابن قدامة في المغني: قد ذكرنا أن صريح الطلاق، لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك، ولأن ما يعتبر له القول، يكتفى فيه به، من غير نية، إذا كان صريحا فيه، كالبيع، وسواء قصد المزاح، أو الجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن.
قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، على أن جد الطلاق، وهزله سواء. اهـ.
وكونه اصطنع أنه يكلم أحدًا دون أن يكون ثمة أحد يكلمه، لا يغير من الحكم شيئًا؛ لأن قوله: فلانة طالق، يفيد الإنشاء، وليس الإخبار، ويدل على أنه قصد الإنشاء، وليس الإخبار، قوله لك: إنه كان يمزح، فهذا يعني أنه أنشأ الطلاق مازحًا، أو هازلًا، وهذا لا ينفعه -كما سبق-.
وإذا تقرر أنك قد أصبحت بائنًا من زوجك، فإن السكن معه في منزل واحد لا يجوز، إلا بشروط بيناها في الفتوى رقم: 65103.
والله أعلم.