الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن منّ عليك بالتوبة والتعافي من ممارسة العادة السرية باليد والصور المحرمة، ونسأله أن يعيذك من شرور الشهوات، وأن يثبت فؤادك.
وجوابنا بالفتوى رقم: 137646، وتوابعها كافٍ -إن شاء الله- في عامة ما سألت عنه؛ ففيه حكم العادة السرية بالفكر، وأنه ينبغي التنزه عنها، وكيفية مقاومة العبد لشهواته.
وقد أحسنت حين استعملت الصيام لتقليل الشهوة، وترك العادة، ولكن ننبهك إلى أن الصوم المقصود هنا الذي يكسر الشهوة هو سرد الصيام، وإدامته إذا لم تنكسر بصيام اليوم واليومين في الأسبوع، وانظر الفتويين: 254686، 23868.
وما تذكره من الشعور بالنفاق ينبغي أن تجعله دافعًا قويًّا لضبط التفكير في الشهوة، فخوف العبد من النفاق يدفعه إلى دفع هذه الشهوات، ونوصيك بلزوم التضرع إلى الله مع اليقين بالإجابة؛ روى النسائي، وأبو داود، والترمذي: عن شتير بن شكل عن أبيه شكل بن حميد قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-, فقلت: يا رسول الله, علمتني تعوذًا أتعوذ به, قال: فأخذ بكتفي, فقال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي, ومن شر بصري, ومن شر لساني, ومن شر قلبي, ومن شر منيي, يعني فرجه. صححه الألباني.
واجمع لذلك الإخلاص في العبادة، وانظر إلى يوسف -عليه الصلاة والسلام- كيف صرف الله عنه الفاحشة بإخلاصه؛ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلصِينَ [يوسف:24].
وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله -عز وجل- ليعجب من الشاب ليست له صبوة. قال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره.
وذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن التعجب في هذا الموضع يدل على محبة الله للفعل.
قال المناوي في فيض القدير: (ليست له صبوة) أي: ميل إلى الهوى بحسن اعتياده للخير، وقوة عزيمته في البعد عن الشر، قال حجة الإسلام: وهذا عزيز نادر، فلذلك قرن بالتعجب، وقال القونوي: سره أن الطبيعة تنازع الشاب، وتتقاضاه الشهوات من الزنا، وغيره، وتدعوه إليها, وعلى ذلك ظهير، وهو الشيطان، فعدم صدور الصبوة منه من العجب العجاب. انتهى.
فاحرص على مقاومة هذه الشهوات تظفر بهذا الشرف -وهو عجب الرب تعالى-.
وننبهك على أن نومك قليلًا مع تجنبك المعصية أبرك وأصلح من النوم مع فعل العادة السرية؛ فالمعصية كلها شؤم ومدعاة لعدم توفيق صاحبها؛ قال تعالى: ... فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {المائدة:49}.
والله أعلم.