الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بالأم فنقول: إن كان إقدامها على الاختلاع من زوجها لمجرد الرغبة في الزواج من الرجل الآخر، ولم يكن ثمة سبب مشروع يسوغ لها ذلك، فهي آثمة، لما روى الترمذي عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المختلعات هن المنافقات.
فيجب عليها أن تتوب إلى الله عز وجل، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 4603.
وإن كان لها ما يبرر طلبها الخلع من زوجها كأن كرهت المقام معه وخشيت التفريط في حقه، فلا تأثم بإقدامها على الخلع، لأنه مشروع في حقها كما فعلت امرأة ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه وعنها ـ ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 3118.
وإن كان هذا الرجل الذي تزوجها قد حرضها على فراق زوجها ليتزوج منها فهو مخبب لها، والتخبيب محرم، بل ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان زواج المخبب بمن خبب بها، وأكثر العلماء على صحة زواجه منها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7895.
وليس من حق الأبناء رفض هذا الزواج إذا تم مستكملا شروط الزواج الصحيح، وكان الواجب عليهم ـ فيما يظهر والله أعلم ـ طاعة أمهم فيما أمرتهم به من توثيق عقد الزواج، لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، وهذا من الطاعة في المعروف، وتراجع الفتوى رقم: 3109.
فالمخالفة حينئذ نوع من العقوق، وليس من حقهم أيضا شكاية زوج أمهم لغير اعتبار صحيح، وليس في هذا الفعل بمجرده عقوق للأم إلا إذا لحقها منه أذى ليس بالهين، فقد يكون حينئذ من العقوق، وراجع في ضابط العقوق الفتوى رقم: 285880.
والله أعلم.