الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعقد العمل الدائم إنما هو في حقيقته عقد محدد بمدة معينة، وهو بلوغ العامل سن التقاعد المتعارف عليه.
ومن ثم؛ فلا فرق بينه وبين سائر العقود المحددة بمدة، اللهم إلا في طول مدته، وهذا بمجرده لا حرج فيه، وانظري الفتوى رقم: 238135.
وعلى ذلك؛ فإن لم يلتزم صاحب العمل بمدة الإجارة، وإن طالت، وأراد طرد العامل، أو إيقاف العمل جملة، فعليه تعويضه عما بقي من فترة إجارته، وانظري الفتوى رقم: 169861، هذا من حيث الأصل.
وأما بخصوص التعويض الذي تفرضه المحكمة: فلا يمكننا الحكم عليه إلا بعد معرفة حيثياته، ومدى موافقتها للمعايير الشرعية، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره. وانظري الفتوى رقم: 95443.
ويجوز من حيث الأصل أن يضع ولي الأمر يده على أملاك صاحب العمل المتهرب من أداء حقوق عماله، ويبيعها حتى يوفيهم حقوقهم، كما هو الحال مع غيره من المدينين المماطلين؛ جاء في الموسوعة الفقهية: من كان عليه دَين وكان موسرًا، فإنه يجب عليه أداؤه, فإن ماطل، ولم يؤد ألزمه الحاكم بالأداء بعد طلب الغرماء, فإن امتنع حبسه لظلمه بتأخير الحق من غير ضرورة; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {لَيّ الواجد يحل عرضه، وعقوبته}, والحبس عقوبة, فإن لم يؤد وكان له مال ظاهر باعه الحاكم عليه; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم باع على معاذ ماله، وقضى ديونه}. وكذلك روي أن عمر -رضي الله تعالى- عنه باع مال أسيفع، وقسمه بين غرمائه.
كما يجوز لمن وقع في يده بعض أغراض صاحب العمل المماطل أن يستوفي حقّه منها، بناء على ما ذكره بعض أهل العلم في مسألة الظفر، وقد بيّنّا مذاهب العلماء فيها في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.