الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه في فضل ذكر الله في السوق، مختلف في صحته، وانظر في ذلك الفتويين: 25814، 155373.
وأما هل يشمل الحديث حال كون السوق مغلقا؟
فالمتبادر أنه لا يشمل هذه الصورة؛ فقد جاء الحديث في شرح السنة للبغوي بلفظ: من قال في سوق جامع، يباع فيه. بدل: من دخل السوق.
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح: قال البغوي: وهذه الرواية تقتضي طلب ذلك، وهو الأقرب؛ لأن حكمة ترتب هذا الثواب العظيم، على هذا الذكر اليسير، أنه ذاكر لله تعالى في الغافلين، فهو بمنزلة المجاهد مع الغازين. انتهى.
وروى البغوي في شرح السنة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فِي السُّوقِ مُخْلِصًا، عِنْدَ غَفْلَةِ النَّاسِ، وَشُغْلِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَلَيَغْفِرَنَّ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْفِرَةً لَمْ تَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
رُوِيَ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يَدْخُلُ نِصْفَ النَّهَارِ، فَيُكَبِّرُ وَيُسَبِّحُ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ، فَقِيلَ لَهُ فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةُ غَفْلَةٍ.
قال المحققان: فيه ابن لهيعة سيئ الحفظ، ويتقوى بما قبله. انتهى.
وهذه الرواية فيها: عند غفلة الناس، وشغلهم بما هم فيه، وهذا لا يكون إلا حال كون السوق قائما، وكذا تعليل ابن سيرين بكونها ساعة غفلة.
وأما إذا كان السوق قائما. فهل يلزم دخول السوق، أم يكتفى بقول هذا الدعاء عند بابه دون الولوج فيه؟ لم نجد لشراح الحديث تعرضا لذلك.
ولكن جاء في مستدرك الحاكم عقب الحديث: أن محمد بن واسع قال: فقدمت خراسان، فأتيت قتيبة بن مسلم، فقلت له: أتيتك بهدية، فحدثته بالحديث، فكان قتيبة بن مسلم، يركب في موكبه حتى يأتي باب السوق فيقولها، ثم ينصرف.
والله أعلم.