الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكونك نطقت ـ ولو بصوت خفي ـ بلفظ العهد، فهذا كاف في إثبات حكمه، ولا يشترط أن يكون الصوت مسموعًا.
وأما إذا كان الأمر مجرد حديث نفس، فلا يترتب عليه شيء، جاء في كشاف القناع ممزوجا بالإقناع: فإن نواه ـ أي: النذر ـ الناذر من غير قول، لم يصح كاليمين؛ لأنه التزام، فلم ينعقد بغير القول، كالنكاح، والطلاق، قاله في المبدع. انتهى.
وننبهك على أن ترك الكذب واجب ـ ولو بلا عهد ـ وراجعي في ذم الكذب الفتويين رقم: 3809، ورقم: 247153.
وقد سبق بيان مذاهب العلماء فيمن قال: أعاهد الله على كذا، في الفتوى رقم: 135742.
فإن أخللت بهذا العهد فتلزمك كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 231607.
فإذا كفرت عن اليمين انحل عهدك، ولم يلزمك كفارة أخرى بمخالفته، وانظري الفتوى رقم: 256108.
وأما خوفك من النفاق: فمحمود، فإن وقعت في شيء من الكذب فأتبعي ذلك بالتوبة، والأعمال الصالحة، وانظري الفتوى رقم: 151821.
وننبهك على أن الكذب مما يؤدي بالعبد إلى النفاق، قال تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {التوبة:77}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في آداب اللسان عن عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: قَالَ: يعد من النفاق: اختلاف القول، وَالْعَمَلِ، وَاخْتِلَافُ السِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْمَدْخَلِ، وَالْمَخْرَجِ، وَأَصْلُ النِّفَاقِ، وَالَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ النِّفَاقُ: الْكَذِبُ. انتهى.
والله أعلم.