الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمدار سؤالك على نسب هذا الابن، والأصل أنه ينسب إلى أبيه لأنه ولد على فراشه، فلا ينتفي عنه نسبه إن كان أبوه لم ينفه بلعان، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش. وقد أوضح معناه النووي في شرحه على صحيح مسلم حيث قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش فمعناه أنه اذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة... اهـ. وغياب زوجها عنها سنة لا ينفي كونه منه.
والحمض النووي لا يعتمد عليه في نفي الأنساب الثابتة، فإضافة لكونه مخالفا للأصل الذي سبقت الإشارة إليه فإنه قد يكون مجلبة للشكوك، ومضيعة للمال، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعًا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونًا لأنسابهم. اهـ.
فلا يجوز لك ولا لغيرك التعرض لنسبه، أو اتهام ذلك الرجل بأنه قد ارتكب الزنا مع هذه المرأة من غير بينة، فإن هذا يترتب عليه القذف، والذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، وفيه وعيد شديد، وانظري الفتوى رقم: 211225.
والواجب أن ينصح هذا الرجل بتمكين أخواته من نصيبهن في الميراث، وأن يبين له أن منعه إياهن شيئا من ذلك جرم عظيم، وظلم كبير، وخلق من أخلاق الجاهلية خطير، فقد قال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7}، قال القرطبي في تفسيره: وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا، ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل، وطاعن بالرمح، وضارب بالسيف، وحاز الغنيمة، فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهما، فقالا: يا رسول الله؛ ولدها لا يركب فرسا، ولا يحمل كلا، ولا ينكأ عدوا، فقال عليه السلام: (انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن)، فأنزل الله هذه الآية ردا عليهم، وإبطالا لقولهم وتصرفهم بجهلهم، فإن الورثة الصغار كان ينبغي أن يكونوا أحق بالمال من الكبار، لعدم تصرفهم والنظر في مصالحهم، فعكسوا الحكم، وأبطلوا الحكمة فضلوا بأهوائهم، وأخطئوا في آرائهم وتصرفاتهم. اهـ.
ويمكن رفع الأمر للقضاء الشرعي لاسترداد هذا الحق، فإن لم يوجد قضاء شرعي فالجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين.
والله أعلم.