الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت نويت الاحتساب عند بداية المذاكرة, ولم تقطع تلك النية, فهي باقية, ولا تبطل بما فعلته من دخول الخلاء، أو الأكل, أو نحو ذلك, ولا يلزمك استحضارها من جديد، سواء كان الفاصل طويلًا أم قصيرًا, جاء في المدخل لابن الحاج: ومن تمام النية، وتكملتها، وحسنها، وتنميتها أن تكون مستصحبة في كل فعل يفعله، لكن هذا في الغالب صعب عسير في حق أكثر الناس، وذلك حرج، ومشقة، فيجزى بالنية التي خرج بها -إن شاء الله تعالى-. انتهى.
أما إن كنت قد قطعت النية, فقد بطلت, ولا بد من استحضارها من جديد إذا أردت حصول الأجر, وراجع الفتوى رقم: 120085.
على أن بعض أهل العلم يرى أن الإنسان إذا نوى الاحتساب في أول يومه تكفيه تلك النية سائر اليوم عن كل الأعمال غير المتمحضة للعبادة، ولو لم يستحضر النية عند أدائها، جاء في فتاوى لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين: لا شك أن تذكر النية عند العمل، ومصاحبتها للعمل أفضل بلا شك بكثير، والإنسان إذا عود نفسه على هذا سهل عليه، ولكن إذا لم تكن هذه الحال العليا، فعلى الأقل الحال الدنيا، يعني الإنسان كلما أصبح ينوي نية صالحة بأنه لن يعمل عملاً إلا لوجه الله عز وجل، سواءً كان دينياً، أو دنيوياً، وأرجو أن يكون ذلك كافياً، وتكون النية هنا مستصحبة حكماً، لا ذكراً، لكن استصحابها لها ذكر أفضل. انتهى.
ويقول العالم الشنقيطي حبيب ولد الزايد:
أول يومك انوِ أن لا تعملا * إلا بما يرضي إلهك عـلا
فإن تكن قرنت ذا بالعمل * فهو الكمال وإذا لم تفعل
رجي أن يكفيـك ما تقدما * من حسَن النية عند العلـماء. اهـ.
والله أعلم.