الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته في الطريقة الأولى من كون العمل محددًا بالساعات من الساعة 5 إلى الساعة 6 على أن ينجز العامل فيه ألف صورة حتى يستحق الأجرة، يعتبر نوعًا من أنواع الإجارة المختلف في جوازه، إذ الأصل فيها ـ أي الإجارة ـ أن تقدر بمدة، أو بعمل، وأما الجمع بينهما: ففيه جهالة، وغرر؛ ولذا يمنعه جمهور العلماء, وقد بحث الشيخ علي محيي الدين القره داغي هذه المسألة في بحث مقدم للدورة الثامنة عشرة للمجلس الأوربي للإفتاء, جاء فيه: ذهب جمهور الفقهاء ـ أبو حنيفة، والمالكية، في قول، والشافعية، والحنابلة ـ إلى عدم جواز الجمع بين العمل، والمدة، وفساد العقد به؛ وذلك لأن العقد على المدة مع وجود العمل يزيده جهالة، وغررًا، يقول الكاساني في توجيه هذا الرأي: إن المعقود عليه مجهول؛ لأنه ذكر أمرين، كل واحد منهما يجوز أن يكون معقودًا عليه ـ أعني العمل، والمدة ـ ولا يمكن الجمع بينهما في كون كل واحد منهما معقودًا عليه؛ لأن حكمهما مختلف؛ لأن العقد على المدة يقتضي وجوب الأجر من غير عمل؛ لأنه يكون أجيرًا خالصًا، والعقد على العمل يقتضي وجوب الأجر بالعمل؛ لأنه يصير أجيرًا مشتركًا، فكان المعقود عليه أحدهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فكان مجهولًا... وذهب إلى جوازه، وصحته أبو يوسف، ومحمد صاحبا أبي حنيفة، والمالكية في قول، والشافعية في وجه، وأحمد في رواية، واستدلوا بأن: المعقود عليه هو العمل؛ لأنه هو المقصود، والعمل معلوم، فأما ذكر المدة فهو للتعجيل، فلم تكن المدة معقودًا عليها، فذكرها لا يمنع جواز العقد.. والذي نرى رجحانه هو القول الثاني؛ وذلك لأن الجمع بين الجوازين، لا ينبغي أن يترتب عليه عدم الجواز، أو الفساد، بل ليس بينهما تعارض؛ لأن المقصود بتحديد العمل هو تحقيق الصفات المطلوبة التي يريدها المستأجر، وبتحديد المدة الفراغ منه في الوقت المحدد، وكلاهما من الأغراض المقصودة المحققة لمصالح الطرفين. انتهى.
وبناء على هذا الترجيح، فإنه لا حرج في الطريقة المذكورة في السؤال, إذا كانت الإجارة تتم على شيء مباح شرعًا.
والله أعلم.