الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن انسداد الأنف -بالزكام، ونحوه- لا يمنع بالضرورة من فعل الاستنشاق الواجب على القول بوجوبه؛ وذلك لأنه لا يجب إيصال الماء إلى جميع الأنف في الاستنشاق، وانظر الفتوى رقم: 136306.
فمن أتى بأدنى قدر يجزئ من الاستنشاق، فقد برئت ذمته، ولا يلزمه شيء، سواء زالت علته بعد وضوئه أم لم تزل.
وعلى تقدير كون هذا الشخص عاجزًا عن الاستنشاق بالكلية، فحكمه عند من يوجب الاستنشاق ـ وهو قول الحنابلة ـ حكم من عجز عن غسل بعض أعضاء الطهارة، فإنه يغسل الصحيح، ويتيمم لما عجز عنه، على ما بينا في الفتوى رقم: 123137.
فإذا برئ هذا العضو بطل تيممه ـ وبالتالي وضوؤه ـ لكن لا يعيد الصلاة التي صلاها، جاء في شرح الإقناع: ويبطل التيمم بزوال عذر مبيح له ـ أي: للتيمم ـ كما لو تيمم لمرض فعوفي، أو لبرد فزال؛ لأن التيمم طهارة ضرورة، فيزول بزوالها، ثم إن وجده ـ أي: الماءـ بعد صلاته، أو طوافه لم تجب إعادته. انتهى.
وفيه أيضًا: ويبطل وضوؤه، وتيممه بخروج الوقت، فلو كان الجرح في رجله، فتيمم له عند غسلها، ثم بعد زمن لا تمكن فيه الموالاة خرج الوقت، بطل تيممه، وبطلت طهارته بالماء أيضًا؛ لفوات الموالاة، فيعيد غسل الصحيح، ثم يتيمم عقبه، ولا تبطل طهارته بالماء إن كان غسلًا لجنابة، ونحوها، كحيض، أو نفاس بخروجه ـ أي: الوقت ـ بل يبطل التيمم فقط؛ لأن غسل الجنابة، ونحوها لا يشترط فيه ترتيب، ولا موالاة، بخلاف الوضوء. انتهى.
والله أعلم.