الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص لا يعلم زمنًا معينًا تنقطع فيه هذه الإفرازات، فحكمه حكم صاحب السلس؛ فيتحفظ بوضع خرقة، أو نحوها؛ لئلا تنتشر النجاسة في الثياب، ويتوضأ بعد دخول الوقت، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل، ولا يلزمه الانتظار لآخر الوقت، بل يصلي متى شاء، بشرط أن يتوضأ بعد دخول الوقت في قول الجمهور.
وأما إن كان يعلم زمنًا معينًا يتسع لفعل الطهارة والصلاة ينقطع فيه خروج هذه الإفرازات، فليتحفظ بوضع خرقة، أو نحوها؛ لئلا تنتشر النجاسة في الثياب، ويخرج حيث شاء، فإذا جاء ذلك الوقت استنجى، وتوضأ، وصلى، ولتنظر الفتاوى التالية أرقامها: 119395، 136434، 159941.
وبهذا يتبين أنه مع استمرار خروج هذه الإفرازات لا بد من انتظار دخول الوقت، ولا يصح الوضوء قبله في كلتا الحالتين؛ قال ابن قدامة في المغني -عند كلامه على طهارة أصحاب السلس-: فإن توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، وخرج منه شيء، بطلت طهارته؛ لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه، وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، كما قررناه، ولأن الحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه لعدم إمكان التحرز عنه مع الحاجة إلى الطهارة. وإن توضأ بعد الوقت صح، وارتفع حدثه، ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه. اهـ.
فإذا دخل الوقت وكان الشخص صاحب سلس، فإنه يتوضأ مباشرة، ويصلي دون انتظار انقطاع ذلك الخارج، ولا تلزمه الإعادة لو انقطع بعد ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 170803.
وإذا لم يكن صاحب سلس -بأن كان يعلم وقتًا ينقطع فيه الخارج قبل انتهاء وقت الصلاة-، فعليه انتظاره، وليس له في هذه الحالة أن يصلي قبل انقطاع ذلك الخارج، ولو صلى فصلاته غير صحيحة، وتلزمه إعادتها، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 299986.
وللمالكية تسهيل في حكم صاحب السلس، وحكم إزالة تلك النجاسة، وقد فصلنا مذهبهم في الفتوى رقم: 75637، ولا حرج في العمل بمذهب المالكية عند الحاجة إذا كانت الضوابط التي وضعوها تنطبق على حال السائل.
والله أعلم.