الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، وإن كان المقصود أن والدك أوقف نصيبه في المزرعة على زوجته بعد وفاتها، فهذا وقف باطل لا يصح، لأن الميت ليس أهلا للتملك، ومن شروط الموقوف عليه أن يكون أهلا للتملك، جاء في حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني: ويشترط في الموقوف عليه أن يكون أهلا للتملك حكما كالمسجد، أو حسا كالآدمي، ولا فرق بين المولود بالفعل ومن سيولد، وتوقف الغلة إلى أن يوجد ما لم ييأس منه، فلا يوقف، ويرد الوقف والغلة لمالكها، هذا كله ما لم يحصل مانع قبل الولادة، وأما إن حصل مانع كموته، فيبطل، كما قال عج. اهـ.
وفي حاشية قليوبي: قوله: ليست أهلا للتملك بحال، ومنه يعلم عدم صحة الوقف على الميت. اهـ.
وعلى هذا الافتراض يعود الوقف لجميع الورثة بعد موت المالك، وهو أبوكم، جاء في أبحاث هيئة كبار العلماء: ما حكم فيه من الأوقاف بالبطلان لفقد شرط من شروطها، عاد للواقف إن كان حيا، ولورثته إن كان ميتا. اهـ.
وأما إن كان المقصود أن أباك قام بوقف نصيبه في الأرض على أبنائه وقفا ناجزا، وجعل ذلك في ثواب زوجته المتوفاة، فهذا الوقف صحيح، بشرط حوزه في حياته، ويعمل بشرط الواقف ما لم يخالف الشرع، يقول خليل المالكي في مختصره: واتبع شرط الواقف إن جاز. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لو قيد الواقف الانتفاع بالوقف بشروط محددة, فالجمهور على أنه يرجع إلى شرط الواقف، لأن الشروط التي يذكرها الواقفون هي التي تنظم طريق الانتفاع به, وهذه الشروط معتبرة ما لم تخالف الشرع. اهـ.
وفي حاشية الجمل: يجب العمل بشرط الواقف ما لم يناف الوقف أو الشرع. اهـ.
وبالتالي، فإن كان الواقف هنا جعل الوقف خاصا بأبنائه من زوجته المتوفاة وحازه أولئك الأبناء، أو عين له ناظرا وخلى بينه وبين الوقف، فإنه يختص بهم، وانظر الفتوى رقم: 49196.
كما تختص نظارته بالصالح منهم على وفق ما كتب الأب في الورقة المذكورة، وأما إن لم تحصل حيازة بأن ظل الأب واضعا يده على الوقف حتى مات، فإنه يبطل كما سبق في الفتوى الأخيرة، وانظر في الوقف على بعض الأبناء دون بعض الفتوى رقم: 121594.
وننصحكم بالرجوع للمحكمة الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع، والتحقق مما كتب في الوثيقة التي تركها أبوكم.
والله أعلم.